لقد ضاقت بي الدنيا
لم اعد احتمل
المزيد
يكاد عقلي يهرب مني راكضا بأي اتجاه
الى من اشكو ما يعتمل بداخله
الى من اتحدث مفرغا دواخل قلبي التعس
لم اجد سوى البحر
طالما استمع الى العديدين والعديدين من الغرباء
ابتلع همومهم
لا يعرفهم ولا يحكم عليهم
فقط يستمع
لما لا سأذهب وابثه خواطري جميعا
سأحكي واحكي الى ان امل مني
وقفت منبهرا بكبره
ايها البحر الكبير
حدثني
اخبرني ماذا افعل
ابحر بهمومي الى تلك الشواطيء التي لم تكتشف بعد
البرد يغمرني
والسماء وكأنها تشاركني حزنا
تساقط دمعها مطرا لتخفف عني آلامي
"يا لك من غبي واناني
التفت حولي لارى من هذا الذي يجرؤ على السخرية مني
(غبي واعمى يا لها من تركيبة) !! من هذا الذي يسخر مني
بكل غضب اخذت اتلفت حولي لاجد من يحدثني ولكن الظلام
كان يمنعني
اصرخ ارني نفسك ان كنت شجاعا
( ههههههههههههه اسأل السماء التي تساندك بدموعها
الغزيرة) اي نوع من العبث هذا
كيف استطعت يا هذا ان تعرف ما يدور بخلدي
اعلن عن نفسك
كنت احاول ان اقول تلك الجملة بشيء من القوة
ولكنه على الرغم مني خرج خائفا مذعورا اقرب الى
الرجاء منه الى الامر
هنا
سمعت ضحكة عذبة
صوت انثوي جميل اضاف عليه الحزن لمسة جذابة سحرتني
كفاك لعبا بهذا الساذج يا صديقي العزيز
اخبره من أنت والا مات رعبا
للحظة لم اعد اشعر بالمطر
ولا بالبرد
تجمدت اطرافي من الرهبة لا البرد
حين سمعته يقول
انا البحر يا بني الغريب
لم استطع الهرب
يبدو ان هذين الغريبين يريدان اللعب باعصابي
لا ادري ما هذا اللهو السخيف الذي تحاول ان تلهوه معي
وان كنت تعتقد بأني غبي او ساذج لاقتنع بهذه السخافة
فانت واهم
وان كنت تظن نفسك البحر فمن صديقتك الجميلة
لا بد ان تكون السماء
قلتها صارخا وتعمدت ان اضفي عليها طابع السخرية
(يبدو انه ليس بذلك الغباء الذي كنت تتوقعه يا عزيزي
البحر) مااااااااااذا؟!! ما الذي تحاولون فعله
اهدأ
يبدو انني احلم
يبدو ان البرد والمطر اصابوني بحمى ما جعلتني ارى
خيالات واخترع افكارا
افق
افق جيدا
قلت هذا وانا اضرب نفسي كي استقظ من هذا الكابوس
السخيف
وصوت ضحكاتهم تزعجني
لم لا تصدق بأني البحر
هكذا قال
لانك ... لانك... لانك ... بحر لا يفترض ان تتحدث انت
مجرد مياه بها بعض الاسماك
ما الذي افعله
انني اتحدث الى بحر
انا لا اسمع شيئا
كل ما سأفعله هو ان اعود ادراجي
اعود الى منزلي
اتحدث الى نفسي
اوه نفسي الحبيبة ما الذي فعلته بكِ
ولكن
ماذا لو كان حلما
ماذا لو كان حتى حقيقة
ما الذي سأخسره
ان البحر لا يتحدث لاحد واختارني أنا
هل سأكون غبيا لاعود
هكذا وقفت بثبات
حسنا ايها البحر هات ما عندك
جاوبني صمت رهيب
ايها البحر
ايتها السماء
هل التزمتما الصمت فجأة
ما هي هذه الالعاب السخيفة
حسنا
انا اعتذر
انت لست مجرد مياه
بل انت اعظم من هذا
انت.. انت..
انت شيء عظيم
(شيء عظيم؟!! هل هذا هو الوصف العبقري الذي استطعت
قوله
يا لكم من بشر تتسمون بالانانية والغباء
ان اردتم الطعام
تلجئون الي
ان اردتم التنزه والاسترخاء تلجئون الي
ان اردتم الاستشفاء
تلجئون الي
حتى عندما تغرقكم الاحزان
لا تجدون غيري تبثونه همومكم وتزعجونه بمشاكلكم
تنبهرون بما احمل
تتخذون سطحي كوسيلة لتصلوا الى مناطق اخرى
وفي النهاية
مجرد مياه تحتوي بعض الاسماك!!! يا لكم من اغبياء)
كان يقولها وامواجه تكاد تبتلعني بدوامة الغضب الذي
تملكه
بصوت راجف
اخذت احاول تهدئته
ولكنه اكمل حديثه
انا لست منزعجا ان كنت ستحملني همومك وافكارك الغريبة
فانت كغيرك
لست منزعجا ان كنت ستستفيد مما احمل بين جوانبي وترحل
بل لقد خلقني الله لاجل هذا
ولكنها الافكار المجنونة التي تشغلكم الان
كنت مزارا للعاشقين
وللفاتحين
لكل بني البشر
اغضب احيانا عليكم
ولكن غضبي من افكاركم
هو محرك الكوارث التي لا احمل فيها ذنبا سوى انه
تفريغ لافكار غاضبة ساخطة تافهة
لاعود هادئا تحملوني بافكار اخرى
ما الذي حدث لكم بنو البشر
لماذا تملك الحقد القلوب؟
لماذا اصبح الغدر طبعا
لماذا اصبح النفاق سيد الاخلاق
واصبحت الرذيلة سيدتها
اصبح الطيب (عبيط) واللئيم (شاطر) والمتدين (ارهابي )
والملحد (فكر راق) اصبح الدين لله والوطن على الله
اصبحت الحرية سلعة
والخيانة سعة حيلة
الوطني غبي
والعميل سياسي محنك
اصبح الدين شعار
والحكم مسبق
اصبحت اسرائيل قطر شقيق
وفلسطين
حلم بعيد المنال
بل شوكة في الحلوق
اصبح النصر صافرة هدف في مباراة دولية
واصبح الاخوة اعداء
والاعداء تحولوا لاصدقاء يدعون الاخلاص والمحبة
اصبح... كفى
دوت صرخة مني
لم اتوقع انها بهذا العلو
فلتبتلعني ايها البحر الان
ابتلعني واغمرهم بالطوفان الكبير
ابتلعني وفجر غضبك
ابتلعنا جميعا
لا يستحق الحياة